السيرة الهلالية هي إحدى السير الشعبية العربية، وهي عبارة عن ملحمة طويلة تغطي مرحلة تاريخية كبيرة في حياة بني هلال المعروفة بهجرة بني هلال، وتمتد لتشمل تغريبة بني هلال وخروجهم من ديارهم الخرمه ورنية في عالية نجد إلى تونس. هي السيرة الأقرب إلى ذاكرة الناس، والأكثر رسوخًا في الذاكرة الجمعية. وتبلغ نحو مليون بيت شعر. وإن أضفى عليها الخيال الشعبي ثوبًا فضفاضًا باعد بين الأحداث وبين واقعها، وبالغ في رسم الشخصيات.
ومن السيرة الهلالية تتفرع قصص كثيرة مثل قصة الأمير أبو زيد الهلالي وقصص أخته شيحة المشهورة بالدهاء والاحتيال، وسيرة الأمير ذياب بن غانم الهلالي، وقصة زهرة ومرعي. وغيرها من السير المتراصة التي تشكل في مجموعها ما يعرف بسيرة بني هلال. والسير الشعبية هي من أهم مصادر الثقافة في أرياف البلاد العربية، وخصوصًا إذا ما أخذنا في الاعتبار نسب الأمية المرتفعة. ويسمى المهتم بالسيرة الهلالية بالمضروب بالسيرة. ومنهم الشاعر الشعبي عبد الرحمن الأبنودي. هذه القصة الغنية بالشخصيات والأحداث والمواقف، تضفي على الأدب الشعبي لونًا خاصًا يمثل الحياة الاجتماعية والفكرية التي كان يعيشها الإنسان العربي في تلك الفترة من الزمن.
محور السيرة……
يتمحور موضوع السيرة الهلالية عن التجربة الحياتية للحلف الهلالي المكون من قبائل نجد المقاتلة والمدافعة عن قيم الأمة وشرفها. وكعادة الملاحم، هي تستنهض الأمم بذكر أمجادها العسكرية، وبطولات القادة الذين أنجبتهم أرضها في السلم والحرب. وتعيد السيرة الشعبية تاريخ الأمة وتفسره بطريقة فنية حسب معتقدات البسطاء.
“هلال” الجد البعيد الذي تنتسب له القبيلة المحاربة قبيلة “بني هلال” هو أحد رجال الإسلام الذين أبلوا أحسن البلاء في الدفاع عن الرسول في غزوة تبوك – هذا ما تذكره السيرة وإن كان غير صحيح – فاستحق بذلك التمجيد، ونال نسله فخر البطولة وشرف الفروسية. وفي اللحظة التي تبدأ فيها السيرة، يكون فارس بني هلال المغوار هو “رزق بن نايل بن جرامون بن عامر بن هلال”، حامي حمي الحلف الهلالي.
وعبر ملابسات معينة يتزوج “رزق” من “خضرة الشريفة” ابنة الأمير “قرضة الشريف” حامي الحرمين وحامل مفتاح الروضة الشريفة، وينجب منها “أبو زيد الهلالي سلامة”، ليكون بذلك جامعا لطرفي المجد، فهو بذلك شريف من نسل النبي يأخذ ويرث من ناحية أمه الحكمة والعلم، ومن ناحية أبيه مجد البطولة وعنفوان الفروسية.
ولكن ينكر رزق نسب ابنه أبوزيد ويتهم أمه خضرة بالزنا وطردها من مضارب القبيلة وابنها لم يتجاوز 7 أيام، فتربيه أمه على الفروسية من صغره بعد أن تلجأ لحاكم مدينة العلامات الملك فاضل الزحلاني وتظهر على أبوزيد علامات النبوغ وهو طفل صغير، ويستطيع في طفولته أن يخوض صراعا مع بنى عقيل أعداء أهله بنى هلال، حتى يستعين مشرف العقيلي على أبوزيد بعدد من فرسان بنى هلال ومنهم عم أبوزيد الأمير عسقل الذي سأهم في طرد خضرة الشريفة من مضارب الهلالية ويحارب أبوزيد فرسان الهلالية ويقتل عمه الظالم عسقل ويأتي لأمه بحقها بعد أن يعنف أباه الأمير رزق بن نايل ويحكم على بنى هلال أن تعود أمه خضرة الشريفة على بساط من حرير تأكيدا لبراءتها.
ويعود أبوزيد إلى أهله بنى هلال ليصبح فارسها المغوار وليقاتل العدو الأجنبي اليونانيين الذين هاجموا الأراضي العربية، وتتوالى مغامرات أبوزيد الهلالي ويخوض تغريبة طويلة مع بنى هلال عندما يرحلون غربا بحثا عن المرعى بعد ثمان سنوات من الجفاف لتتوالى فصول سيرته ليرحل إلى تونس ومعه أبناء الأمير حسن مرعى ويحيى ويونس وتتوالى القصص الفرعية من مقتل مرعى وحب يونس لعزيزة والصدام الكبير بين أبوزيد وحاكم تونس خليفة الزناتي أو حسب الرواية الشعبية الزناتي خليفة وتقوم الحرب بين بنى هلال وحلفائهم قبائل الزغابة من جهة وبين بنى قابس بزعامة خليفة الزناتي وأشجع فرسانه المسمى بالعلام من جهة أخرى بعد أن رفض الزناتي أن يحصل بنو هلال على المرعى في أراضيه، لينال جزاءه مقتولا على يد دياب بن غانم كما تنبأت سعدى الزناتي.
و “التغريبة” هي موجة هجرة كبيرة قامت بها قبائل من نجد مخترقة مصر عابرة إلى شمال أفريقيا، بعد ما مر بهذه الأرض من مجاعة أهلكت الجميع. واستوطنت تلك القبائل أرض تونس، بعد أن زحفت إليها تسوق رجالها ونساءها.