جلس الأثنان في وئام …ليلهم ساجي والنجوم فوق صفحة السماء تحوم…قال له صاحبه في أستفهام….لماذا يا صاحبي لا تقرأ كي تعرف أكثر..كي تفهم أكثر…..كي ترى بعينك لا بعين العسكر .رد الآخر في أستغراب شديد….وأنا كذلك منذ سنين أقرأ….قرأت كل عناوين وأبواب صحف الحكومة الرسميه…..قرأت كل المناشير الأنتخابيه…..قرأت كل المحذورات الوطنيه….قرأت كل أسعار الدجاج والبنزين والخضار والسيارات الكوريه. …….قرأت عن أنجازات الأسياد في المحافل الدوليه……قرأت في عيون المسؤولين شعورهم بالمسؤوليه وفي هتافات المغنين مشاعر الولاء والوحدة القوميه…….قرأت أن فلسطين أرض عربيه وبأنها أرض الأسراء ومهد الديانات التوحيديه……قرأت كثيرا يا صاحبي عن كل شيء حتى عن أسرار الفنانين والفنانات وعن أرقام قمصان اللاعبين واللاعبات وعن جوائز الأوسكار لهذا العام وفرصة الفوز لأحلامنا …عفوا…. لأفلامنا الصحراويه…..قرأت عن سر جمال ماريا شارابوفا وسر أنتفاخ شفاه أليسا وسر أعجاب براد بيت بأنجلينا جولي وسر حضور جورج قرداحي على خشبة الأستديو وسر نبوة السيسي وسر مباراة الكلاسيكو لهذا الموسم وعن سر نجاحنا الرهيب في الفشل في المباريات المؤهله لكأس العالم الدوريه …وبعد أن تعب صديقنا من التعداد انتفخ صدره وبرقت عيناه ولاح على محياه ملامح زهو أسطورية…هكذا أذا……قالها صديقه وأردف..يا صاحبي عذرا فأنت لم تقرأ…….أبدا لم تقرأ شيئا…لا تتفاجأ…….فكلنا في أرض الحظيره وبين أسوارها يظن أنه الوحيد الذي يقرأ ما بين سطور الرواية المأساويه…أنت يا صاحبي كنت تنسخ ما تسمعه وما تراه وما يقال لك لأن وعاءك فارغ تماما من العلم بالمفردات التنويريه..فارغ من رأيك أنت بذاتك…لأنك خالي اليدين من حريتك ومن كرامتك ومن رؤيتك الذاتيه…أنت لا تعلم ذلك طبعا لأن وعيك قد غطاه هم المعيشه وتدبير الحال في حياتك اليوميه……..أنت لا تريد شيئا من هذه الدنيا ألا الستر كما أوهمك شيوخ الزيف والفتاوى الرسميه………….أوهموك جدا بالقناعه والرضا على أي حال برغم كل الأنكسارات النفسيه….أوهموك وبعد ذلك رجعوا ألى بيوتهم ليأكلوا ما عملته أيديهم من الخيانات الدينيه….يا صاحبي….عش ما شئت وكل ما شئت وألبس ما شئت وأركب سيارتك المفضله التي شئت وتمتع كما شئت وجادل كما شئت ووالي من شئت وعادي من شئت وأعتمر في العام عشر مرات أو بالعدد الذي شئت وأقرأ القرآن ألف مرة كما شئت …….ولكن تأكد أنك لست سوى رأس في قطيع……وبأنك لست ألا فرد بلا ملامح يقف في صف طويل ويسير ببطىء ألى الأمام في وضعية أجباريه….وتأكد بأنك صاحب جهل مركب …….وبأنك فعلا لم تقرأ آيات الله في الأنفس والآفاق كما قرأها خصومك من الثقافات الشرقية والغربيه …….وبأنك فعلا تعيش في دائرة مغلقة من الأهتمامات الميكروسكوبيه …تأكد أكثر يا صاحبي بأنك فعلا لم تقرأ…….فعلا لم تقرأ…لم تقرأ. …..لم….تقرأ….الغريب………عماد.