كلهم يريدونك نسخة مكرورة أو مسحوقة أو مسعوره…..الزعيم ونائبه ووزراءه ورعاياه الأوفياء وكلابه المربوطه…..كلهم يريدونك مثلهم تشتري ملابسك وطعامك وتبغك ومعجون أسنانك من ذات المكان ومن ذات النوعية الرديئه………كلهم يرمقونك بنظرات الأستغراب والشك والريبه ويلوكون بألسنتهم سيرتك ويرغبون حقا أن تكون معهم أسيرا بين أسوار الحظيره……..كلهم يريدون ولا ييأسون…………ليس من حقك أن تفكر بعيدا عما أعتادوا التفكير فيه وأن ترمق النجوم البعيده وتتأمل الكون السحيق وذاك البريق فيه ……أن تجوب البراري وتغوص في جوف الصحاري وتغترف ماء البحر وتدرك سر الله في بث الحياة فيه………أن تذوب مع قطرات المطر الهاطل فوق التلال وتنساب مع شلال الضباب بين أودية الجبال وتتمرغ فوق وشاح الثلج الأبيض لتعود طاهرا نقيا ناصعا لا شائبة فيه………يريدونك أن تسمع ذات الأغاني وتتمنى ذات الأماني وتدعو ذات الدعاء ذاك المصحوب بالبكاء في كل ليلة قدر كي يحالفك الحظ ويوافيك القضاء وتحضر بين يديك كل أنتصاراتك الموقوفه وأشياءك المنسيه ومحبوبتك التي فقدتها يوما ففقدت الحب كله وأنقطع الرجا فيه…..كلهم…يريدونك أن تعيش على الأمل فقط دون أن تحارب وعلى مجاراة واقعك التعيس دون أن تصرع ذاك الذي ما زال يرسمه وعلى القناعه بأن السير ضد التيار فيه غباء شديد وأنه محض حماقه…………….يريدون منك أن تتابع أخبار ما يجري بين أسوار الحظيره وتزور ذات المواقع التي تبث أخبارها وتسمع ذات التافهين على موجاتها العامله وقنواتها الهامله وتدير مؤشر الراديو كل صباح على برامج الحظيره……………..يريدون منك حقا أن تغرق في تفاصيل حياة النعاج وأن تتقن دوما طريقة ثغائها كما يتقن العبيد الهتاف بأسم سيدهم الأفلج وأن تلوك ذات الأفكار كما تلوك الخراف ذات الكومه من البرسيم على جميع أحوالها جافة أو رطبه……………وبعد أن تموت سيقول الجميع رحمة الله عليه فقد كان بارا بوالديه ولم نسمع عنه أو منه أنه يعشق الحياة فهو لا يعشق الحريه………فمن أراد أن يحيا حتى بعد أن يموت فليعشق الحريه وليكن مختلفا رغما عنهم وليمارس طقوس حبه السرمديه للكون وللحياة ولزهرة الحريه………..وبغير ذلك فليستمر في مضغ جرزة البرسيم وليصمت وليتوقف عن الشكوى والبكاء ……….فالراعي لا يخاف من الصوت العالي ولا الثغاء المتقطع بين صفوف القطيع وداخل أسوار الحظيره…………..الراعي لايخاف من النسخ المكرره أبدا ……الراعي لا يخاف ألا من وعول الصيد المتمرده …………….الراعي لا يخاف ألا من وعول الصيد المتمرده……………..فقط وعول الصيد المتمرده فهي ليست نسخة مكرره…………………….الغريب..عماد
