.بعيدا بعيدا أسافر

فوق راحلتي زادي وبعض الزهور ………..وركوة ماء بحجم عمري وبحجم أحلامنا عبر كرّ الدهور…..
على عنقي وشاح أبيض مشغول بخيط الحرير….وفوق الرأس عمامة زرقاء مضمخة بعطر البخور……
راحلتي ليست بأربعة قوائم أبدا وليس لها جرير….راحلتي لا تتنفس الهواء ولا تنام مع الأبقار وهي لا تأكل الشعير
راحلتي لا تنام أبدا وتظل مستيقظة دوما في أوج الحر وفي عز الزمهرير………راحلتي عجيبة حقا لكنها تسير بي أينما رغبت وفي كل وقت كأنها البراق أو بساط سندباد الشهير………………….
قبل الشروق بقليل أمتطيت راحلتي ودعت أمي وأبي توكلت على الله ويممت وجهي صوب كل الجهات………..نحو الشرق حيث جزائر البحار وغرائب الأمصار……..مررت من فوق الهند فشاهدت تحتي ألف لون وألف وجه وألف حرف وألف قصيدة لطاغور………ثم أكملت رحلتي شرقا فوصلت ألى جزيرة هوكايدو في شمال اليابان وهناك شاهدت الجنه لأول مره وشاهدت أيضا جبال مكللة بالثلج وشاهدت مفتونا ممالك الطيور……………..توقفت على ضفة جدول صغير شربت من مائه الصافي أكلت بعض الزاد ورحت في غفوة بلا شخير………وبعد أن صحوت عدت للجدول الصغير شربت منه لآخر مره أمتطيت راحلتي من جديد وأكملت المسير………………وبعد فترة لم تكن قصيره وبعد ان عبرنا آلاف الأميال فوق أعالي البحار رأينا من بعيد شواطىء الأراضي البعيده………….. وشيئا فشيئا كنا قد وصلنا ألى الأرض الجديده أرض رعاة البقر……………………..ومن أعلى شاهدت قمم جبال الروكي الشاهقه والتلال الصخرية البنيه ووادي الصدع العظيم في هضاب كولورادو وثلوج ألاسكا الأبديه…. وشاهدت أيضا كلا من رونالد ريغان وجورج بوش الأب والأبن ودونالد ترامب وهم يسددون كرات البولو نحو كل الحفر………… وكان برفقتهم مخلوق غريب على رأسه غترة بيضاء حولها عقال أسود يقوم بجمع الطابات مثل كل الغفر …………..وبعد أن رأيت ما رأيت أحسست بوخز في صدري غريب أسرعت ألى الرحيل قبل المغيب حتى لا يقبض علي بتهمة الأرهاب وقتل البشر…………..ومن جديد وكزت راحلتي وأمسكت بعنانها بكل قوه وعبرت مياه شمال المحيط الأطلسي الصاخبه نحو تخوم أوروبا الشماليه والشمالية الغربيه فمررت بالبراري الأسكتلنديه وبأكواخ جزر فارو العشبيه وبقبائل شعب السامي في النرويج حيث شاهدت هناك صحاري الثلج الشاسعه وشاهدت أيضا قطعان الأيائل القطبيه وشاهدت في أعماق المحيط سلسلة طويلة جدا من تيار الخليج الدافىء القادم من خليج المكسيك على بعد آلاف الأميال من بحر البلطيق ثم أنحدرت جنوبا نحو ألمانيا وبالتحديد ألى مقاطعة بافاريا في الجنوب وجبال الألب العليا والغابه البوهيميه ……ولم أنسى أن أمر من فوق ألأراضي المنخفضه في هولندا حيث طواحين الهواء وحقول زهور الزنبق وحيث تنام مطمئنا في حضن الطبيعة الوثير………………وأستمرت رحلتي نحو الجنوب الغربي نحو فرنسا حيث الزهور والعطور والأناقة وحيث نطق الحروف بطريقة الزقزقه العصفوريه ………..وشاهدت هناك أيضا الحدائق الفكتوريه ثم عبرت بأتجاه الحدود الأسبانيه فتجاوزت سلسلة جبال البيرينيه فصادفت أحد الرعاة الكاتالونيين عبر السفوح وهو يسوق قطيع شياهه الغفير……….ومالبثت ألا أن شعرت ببعض التعب فقررت أن أنهي جولتي عند تلك المحطه وأن أعود………وفعلا لويت عنق راحلتي الأنيقة المطيعة السريعة نحو الشرق مرة أخرى نحو الديار …….وفي أثناء عودتي كانت تمطر مره وتثلج مره وتهب الريح عاصفة مره وتهدأ مره وتتلبد السماء بالغيوم مره وتصفو السماء مره ويعلو موج البحار مره ويسكن مره وهكذا حتى وصلت أخيرا ألى محطة الأنطلاق ومرتع الذكريات ومهوى الفؤاد فقلت في نفسي………..الأماكن التي مررت بها كلها جميلة جدا جدا بديعة جدا جدا وادعة جدا جدا وأنا عاشق للحياة………….لكني لم أربو ولم يربو عشقي نحو العالم ألا أنطلاقا من محطتي الأولى لأن وجودي فيها هو الذي زرع في قلبي كل ذلك الحب وكل ذلك العشق وكل تلك الفتون وكل ذاك الجنون نحو الكون نحو الطبيعه نحو الحياة نحو السفر بعيدا بعيدا ………..نحو السفر بعيدا………..نحو السفر……..نحو السفر………..الغريب……عماد.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *